من الصعب تجاهل الدهن الذي يظهر على البطن أو على الفخذين. ولكن، ماذا عن الكبد الدهني(تدهّن الكبد)؟ وهو ما لا يمكن رؤيته أو الإحساس به، ومعظم الناس لا يعلمون بوجوده.
وجود كمية معينة من الدهون في الكبد هو أمر طبيعي. ولكن، عندما يشكل الدهن أكثر من 5%- 10% من وزن الكبد، فهذا قد يعني وجود مرض في الكبد ناجم عن شرب الكحول أو عن مرض كبدي ليس ناجما عن شرب الكحول.
بعض الحالات من الكبد الدهني (تدهّن الكبد) قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
أعراض الكبد الدهني:
مرض الكبد الدهني (FLD – Fatty liver disease) هو مرض صامت، بشكل عام، ليست له أعراض، وخصوصا في مراحله الأولى. في الحالات التي يتقدم فيها المرض ويتفاقم، وهي عملية قد تستغرق بضع سنوات، أو حتى بضعة عقود. اعراض الكبد الدهني التي من الممكن أن تظهر تشمل:
التعب
فقدان الوزن أو فقدان الشهية
الضعف
الغثيان
التشوش، المس بالقدرة على تحكيم العقل ومشاكل في القدرة على التركيز
وقد تظهر أعراض أخرى تشمل:
أوجاع في مركز البطن، أو في الجانب الأيمن العلوي منه.
تضخم الكبد.
بقع داكنة وغير موحدة/ غير متجانسة على الجلد، وخاصة على الرقبة ومنطقة تحت الإبطين، بشكل عام.
لدى المرضى المصابين بمرض كبدي ناجم عن تناول المشروبات الكحولية، قد تتفاقم الأعراض وتزداد سوءا، بعد فترات من الإفراط في شرب الكحول. أما مرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول المشروبات الكحولية فمن الممكن أن يتوقف أو ينعكس، أو قد يزداد سوءا في المقابل.
في الحالات التي يتطور فيها مرض تليف الكبد (تشمع الكبد -Liver cirrhosis)، يفقد الكبد قدرته على العمل والقيام بمهامه الوظيفية.
ونتيجة لذلك، قد تظهر العلامات والأعراض التالية:
احتباس السوائل.
ضمور العضلات.
النزف الداخلي.
اليرقان (اصفرار لون البشرة والعينين).
الفشل الكبدي (Hepatic failure).
أسباب وعوامل خطر الكبد الدهني:
مرض كبدي ناجم عن تناول الكحول (ALD – Alcoholic liverdisease)
يمكن ان يتطور الكبد الدهني في أعقاب تناول المشروبات الكحولية، سواء بكميات صغيرة أو كبيرة. وقد يتطور حتى بعد فترة قصيرة من الاستهلاك الزائد للمشروبات الكحولية (مرض كبدي حاد ناجم عن استهلاك الكحول).
وتلعب الوراثة دورا في التسبب بمرض كبدي ناجم عن تناول الكحول، من ناحيتين:
الأولى، إنها قد تؤثر على كمية المشروبات الكحولية التي يتناولها الإنسان وعلى احتمال أن يصبح مدمنا على الكحول. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر العوامل الوراثية على مستويات إنزيمات الكبد، المشاركة في عملية تفكيك الكحول (الاستقلاب/ الأيض – Metabolism).
وثمة عوامل أخرى قد تؤثر على احتمالات تطور مرض كبدي ناجم عن استهلاك الكحول، تشمل:
اليرقان (ج) – (Jaundice) (الذي يمكن أن يؤدي إلى التهاب الكبد)
فرط الحديد في الجسم (تحميل مفرط بالحديد – Iron overload)
السمنة الزائدة (Obesity)
الحمية الغذائية (Diet)
مرض الكبد الدهني غير الناجم عن استهلاك الكحول (NAFLD – Non – alcoholic fatty liverdisease)
بعض الناس الذين يعانون من فائض الدهن في الكبد يعانون من مرض يسمى “الكبد الدهني” (Fatty liver). صحيح أن هذه الحالة ليست حالة طبيعية، لكن طالما لم تسبب التهابا، أو ضررا، في الكبد، فإنها تبقى حالة غير خطيرة.
هنالك أشخاص آخرون يعانون من مرض يدعى تدهن الكبد غير الناجم عن استهلاك الكحول (التهاب و تندّب الكبد – Steatohepatitis).
ورغم أن هذا المرض مماثل، تماما، لمرض الكبد الناتج عن استهلاك الكحول، إلا أن الأشخاص المصابين به يستهلكون كميات قليلة فقط من الكحول، أو أنهم لا يستهلكونها إطلاقا.
هذا المرض قد يسبب للكبد ضررا غير قابل للعكس أو الإصلاح (Irreversible). قد يصبح الكبد صلبا ومع مرور الوقت تحل الندوب مكان الخلايا. وهذه الحالة تسمى “تليف الكبد” (أو: تشمع الكبد – Liver cirrhosis).
يصبح الكبد عاجزا عن أداء وظائفه كما ينبغي، ونتيجة لذلك قد يحدث فشل كبدي (Hepatic failure)، أو سرطان في الكبد أو موت يسببه الكبد. التهاب وتندب الكبد (Steatohepatitis) غير الناجم عن استهلاك الكحول هو أحد المسببات الأكثر انتشارا لمرض تليف الكبد.
هذان النوعان من مرض الكبد الدهني غير الناجم عن استهلاك الكحول أصبحا اليوم شائعين ومنتشرين جدا. حتى 20% من مجموع الأشخاص البالغين معرضون للإصابة بمرض الكبد الدهني أو التهاب وتندب الكبد غير الناجم عن تناول الكحول. أكثر من ستة ملايين طفل يعانون من أحد هذين المرضين، وهما منتشران، بشكل أساسي، بين الأطفال من أصل آسيوي أو هسباني (Hispanic). بعض الشهادات التي تم توثيقها مؤخرا تشير إلى أن التهاب وتندب الكبد غير الناجم عن تناول الكحول يزيد من خطر نشوء مرض قلبيّ لدى الأطفال الذين يعانون من السمنة المفرطة، أو من الوزن الزائد.
العوامل المسببة لمرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول الكحول (NAFLD):
ليس واضحا تماما ما هو العامل الرئيسي المسبب لمرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول الكحول. هنالك عوامل عديدة تزيد، كما يبدو، من درجة الخطر، لكن ثمة حالات لا يتوفر فيها أي من عوامل الخطر هذه.
مرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول الكحول قد ينتقل بالوراثة. وهو يظهر، بشكل عام، لدى أشخاص في سن الشباب ولدى أشخاص يعانون من السمنة المفرطة، أو من الوزن الزائد.
هؤلاء الأشخاص يعانون، في أحيان متقاربة، من ارتفاع مستويات الكوليسترول أو فرط الدهنيات ثلاثية الغليسيريد (Hypertriglyceridemia)، وكذلك من مرض السكري (Diabetes) أو من مقدمات السكري (مقاومة الإنسولين – Insulin resistance) .
في ما يلي العوامل التي يمكن أن تساهم في نشوء مرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول الكحول:
الإجهاد التأكسديّ (Oxidative stress) الذي يسبب الأذى لخلايا الكبد.
إطلاق بروتينات سامة والتهابية من خلايا دهنية، سواء من خلايا الكبد أو من خلايا أخرى.
استماتة (موت خلوي مبرمج – Apoptosis) في خلايا الكبد.
عوامل أخرى محتملة قد تسبب مرض الكبد الدهني، تشمل:
بعض الأدوية
التهاب الكبد الفيروسي (Hepatitis)
مرض كبد وراثي، أو ناجم عن أمراض المناعة الذاتية
انخفاض سريع في الوزن
التغذية غير السليمة
وتظهر دراسة أجريت حديثا أن النمو الزائد للبكتيريا الموجودة في الأمعاء الدقيقة وتغييرات أخرى تحصل في الأمعاء لها علاقة بمرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول الكحول.
ويشكّ بعض الباحثين اليوم بأنه من المحتمل أن يكون لهذه الحالات دور في عملية تقدم مرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول الكحول وتحوله إلى مرض التهاب وتندب الكبد غير الناجم عن تناول الكحول .
كبد دهني خطير خلال الحمل:
في حالات نادرة جدا، تتراكم الدهون في الكبد لدى المرأة الحامل. هذه الظاهرة تشكل خطرا جديا يهدد حياة الأم والجنين، معا. فقد يتطور لدى كليهما فشل كبدي، تلوث حاد أو نزيف.
ليس واضحا السبب الذي يؤدي إلى تكوّن الكبد الدهني خلال الحمل، وربما كان للهرمونات تأثير/ دور في التسبب بهذا المرض.
بعد تأكيد تشخيص الإصابة بهذا المرض لدى المرأة الحامل، يتم توليدها في أسرع وقت ممكن. في حالات معينة قد تحتاج الأم إلى العناية المشددة لبضعة أيام. لكن الكبد، في معظم الحالات، يعود إلى أداء عمله بشكل طبيعي، في غضون بضعة أسابيع.
تشخيص الكبد الدهني:
يتم اكتشاف الكبد الدهني، غالبا، في أعقاب فحوصات روتينية. فقد يلاحظ الطبيب أن الكبد متضخم قليلا، أو قد يلاحظ وجود علامات تدل على كبد دهني، من خلال فحوصات الدم.
كذلك، قد يشك الطبيب بوجود المرض، في أعقاب استجواب طبي، أو خلال فحص جسدي.
فحوصات دم: في فحوصات الدم الروتينية قد يظهر ارتفاع في مستويات إنزيمات معينة في الكبد. هذه الإنزيمات يمكن أن تكون إنزيم ناقلة أمين الألانين (ALT – Alanine aminotransferase) أو إنزيم ناقلة أمين الأسباراتات (AST – Aspartate aminotransferase).
فحوصات التصوير (Imaging): بالإمكان ملاحظة الكبد الدهني، أيضا، في فحوصات التصوير، مثل: تصوير الأشعة السينية (رنتجن – X- ray)، أو التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound). وعوضا عن ذلك، قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات التصوير من أجل فحص ما إذا كانت هنالك مشكلة الكبد الدهني.
خزعة الكبد (Biopsy): الطريقة الوحيدة لتأكيد تشخيص الكبد الدهني هي خزعة الكبد.ويتم إجراء الخزعة، عادة، بعد نفي واستبعاد العوامل الأخرى .
يُدخل الطبيب، تحت التخدير الموضعي، إبرة عن طريق الجلد ويأخذ عينة صغيرة من الكبد. يتم فحص العينة تحت المجهر، لاكتشاف علامات للدهن، التهاب أو إصابة في خلايا الكبد.
إذا لم تظهر علامات على التهاب أو إصابة في خلايا الكبد، فان التشخيص سوف يكون: الكبد الدهني.
علاج الكبد الدهني:
لا يتوفر، حتى اليوم، علاج الكبد الدهني. لكن من المهم معالجة أي مرض آخر يمكن أن تكون له علاقة بهذه الحالة، مثل السكري. كذلك، هنالك تدابير وخطوات أخرى يمكن اتخاذها بغية تحسين الوضع.
في حالات مرض الكبد الناجم عن تناول الكحول، وفي حال كون المريض يتناول المشروبات الكحولية بإفراط، فإن التوقف التام عن شرب الكحول هو الخطوة الأكثر أهمية وحيوية. وإذا لزم الأمر يمكن الاستعانة بأية وسيلة دعم أو مساعدة من أجل تحقيق النجاح في التوقف عن شرب الكحول.
عند المرضى المصابين بمرض كبدي ناجم عن تناول الكحول، قد يؤدي الاستمرار في تناول الكحول إلى تقدم المرض وتفاقمه، بما في ذلك نشوء اليرقان الناتج عن تناول الكحول، أو مرض تليف الكبد. كذلك بالنسبة للمرضى المصابين بمرض الكبد الدهني غير الناجم عن تناول الكحول، أيضا، يمكن أن يكون التوقف عن شرب الكحول مفيدا ويشكل عاملا مساعدا.
ويُنصح الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة، أو من الوزن الزائد، ببذل كل ما في استطاعتهم من أجل إنقاص وزنهم تدريجيا، بين نصف كيلوغرام و كيلوغرام أسبوعيا.
وقد بينت دراسة أجريت حديثا أن إنقاص 9%، على الأقل، من الوزن، خلال بضعة أشهر، من الممكن أن تساعد في قلب/ عكس مسار مرض التهاب وتندب الكبد غير الناجم عن تناول الكحول. كذلك، فإن إنقاص الوزن بنسبة أقل من المذكورة يمكن أن يساعد في التقليل من تراكم الدهون في الكبد.
النظام الغذائي المتوازن والصحي وزيادة النشاط الجسماني: بالإضافة إلى تحديد كمية السعرات الحرارية (الكالوريات)، يجب تجنب الأغذية الغنية بالكربوهيدرات المكررة / المصفـّاة (Purifiedcarbohydrate) التي يتم هضمها بسرعة. أي، يجب الحدّ من استهلاك أغذية مثل الخبز الأبيض، الأرز الأبيض والسكر المكرر.
الامتناع عن تناول أدوية غير ضرورية من شأنه أن يساعد في إبطاء وتيرة المرض، أو في عكس مساره.
في التجارب السريرية يتم فحص مدى نجاعة مواد معينة من مضادات التأكسد (Antioxidants) ومدى نجاعة بعض الأدوية الحديثة لمعالجة السكري في معالجة مرض الكبد الدهني. وهذا نظرا للعلاقة بين هذا المرض وبين الإجهاد التأكسدي والسكري. هذه المواد تشمل:
فيتامين هـ (إي) (Vitamin E)
عنصر السيلينيوم (Selenium)
الباتان
ميتوفورمين (Metformin)
روزيغليتازون (Rosiglitazone)
بيوغليتازون (Pioglitazone).
النتائج الجديدة حول دور البكتيريا في نشوء وتطور مرض الكبد الدهني قد توصل إلى طرق علاجية أخرى، مواجهة ومعالجة النظام الغذائي غير المتوازن بواسطة البروبيوتيك (Probiotic).
البروبيوتيك هو اسم عام يطلق على مضافات غذائية (Food additives) تحتوي على البكتيريا، أو خمائر حية وجيدة.
في الحالات التي يتفاقم فيها مرض التليف الكبدي تكون هنالك حاجة، أحيانا، إلى زرع كبد. يزيل الجرّاح الكبد المريض ويزرع مكانه كبدا معافى.